الوِحْدَةُ بَينَ الهَوَاجِسِ والأَمَلْ
(من بحر الرّمل)
ملتقى أكاديميّة ملوك الحرف الذّهبي الدولية
الشّاعر الصّادق الهلالي
قَلَّمَــا دامَ ابْتِهــاجٌ بالغُــرُوبْ
رَغْمَ أَشْفَاقٍ بِأُفْقٍ والفَضَاءْ
أَوْ إِذا مَا الغَسْقُ آتٍ بالظَّلامْ
والسَّنَا يَسْرِي كبَرقٍ بالضّياءْ
مُرْبِكًا قَلْبًا مُعَنَّـى مِنْ فِراقْ
وابْتِلاعِ البَحْرِ بَدْرًا بانْتِشاءْ،
هَلْ تُرى في وِحْدَةٍ، نَرْجُو لِقَاءْ؟
في خَيالٍ، حينَ نَسٔهُو عَنْ بَلاَءْ
في سُكُونٍ أَخْتَشِي صَمْتَ المَواتْ
زادَ خَوْفِي في مَتاهاتِ السَّمَاءْ
في سَمَاءٍ، قدْ هَوَتْ فيها النُّجُومْ
مِثْلَ نَجْمِي بانطِفاءٍ في الفَضاءْ
إنْ زَوَالٌ مِنْ دُنًى بالاخْتِفاءْ...
كَمْ يُقاسِي القَلْبُ مِنْ هذا العَناءْ!
مِنْ أُناسٍ هَمُّهُمْ زَرْعُ الشَّقاءْ
إنْ سَرى قِيلاً وقَالاً باستِيَاءْ
في نُفُوسٍ ما اطْمَأنَّتْ بالرّجاءْ
مِنْ إلاهٍ ظَلَّ يَهْدي الأصْدِقاءْ
أَيْنَما هُمْ هَؤُلاءِ الأبْرِياءْ
سَوْفَ نَلْقاهُمْ، وكُرْهًا، إنْ لِقَاءْ
يَوْمَ نَبْكي حَسْرَةً قَهْرَ الجُحُودْ
فَرْطَ خَوْفٍ أوْ لِهَجْرٍ أو فَناءٔ
أَيْنَ نَحْنُ الآنَ مِنْ مَسْكِ الذِّراعْ
فِي الذِّراعِ الدّافئِ المُنْشِي مَسَاءْ
عِنْدَ أَنْسامٍ بِأَيّامِ الرّبيعْ
إنْ تَهَادَى البَدْرُ رَمْزًا لِلبَهاءْ
حارِسًا أُنْسِي وغَابي والطّيُورْ
قَدْ تَغَنَّتْ للتَّآخي والصّفاءْ
مِثْلَ رَجْعٍ لِلصَّدَى والذّكْرَياتْ
كَمْ وإِلْفِي تَنَعَّمْنا سَوَاءْ...
هَذِه الأَيّامُ راحَتْ لابتلاءْ
أَحْـيَتِ الأَحْلامَ رُوحًا لِلْبَقاءْ
إنْ تَخاطَرْنا رُؤَى بَوْحٍ غَريبْ
مِنْ حَنِينٍ أو أنينٍ، مِنْ شَقاءْ
لَيْتَ شِعْري في اللَّيالي الحالِكَاتْ
حينَ أَحْكِي ما جرى لي، بالبُكاءْ
عِندَ هَجْعٍ، إثرَ قَطْع الكَهٔرَباء
ضاحِكٌا مِنْ وِحْدَتي...لَيْلي بَراءْ،
عَنْ لُقَيْماتٍ على نارٍ نَسِيتْ
مَا يُنَبّهْـنِي شِياطٌ من شِواءْ
لآنشِغالي، إن بِتٌلفازي سُرورْ
مِن رواياتٍ تَلِي وَصْلاتِ الغِناءْ
عَنْ شُعورٍ لو تسَمَّعْتُ الشِّتاءْ
عِنْدَ هَطْلٍ، ضَجَّ صَوْتٍ بالخلاءْ
زِدْ هُمُومًا يَوْمَ عيدٍ...لا عٍنَاقْ
لِلتَّهانِي...غَيْرَ أحْفادٍ، حِباءْ
كَمْ وِجَاعًا لِاكْتِئابٍ من غُموضْ
نابِشًا عَنْ اِنْتِخَاءٍ والشِّفَاءْ
ناسِـيًا في وِحْدَتي كُلَّ ارْتِياعْ
قاتِلي شَيْئًا فشَيْئًا باشتِفاءْ
وَاثِـقًا، بَلْ آمِـلاً يَوْمًا جَمِيلْ
فيهِ خَيْرٌ وابتِهاجٌ والرَّخاءْ
الشّاعر الصّادق الهلالي